المادة    
قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:
[واعلم أن من المفسرين من لم يذكر سوى القول بأن الله استخرج ذرية آدم من ظهره وأشهدهم عَلَى أنفسهم ثُمَّ أعادهم،كـالثعلبي والبغوي وغيرهما، ومنهم من لم يذكره، بل ذكر أنه نصب لهم الأدلة عَلَى ربوبيته ووحدانيته وشهدت بها عقولهم وبصائرهم التي ركبها الله فيهم، كـالزمخشري وغيره، ومنهم من ذكر القولين، كـالواحدي والرازي والقرطبي وغيرهم، لكن نسب الرازي القول الأول إلى أهل السنة، والثاني إِلَى المعتزلة] إهـ.
الشرح:
كل المفسرين الذين يفسرون بالأثر عن السلف الصالح ومن هَؤُلاءِ الثعلبي والبغوي ذكروا الآثار التي تدل عَلَى أن الله استخرج ذرية آدم من ظهره، وأشهدهم عَلَى أنفسهم ثُمَّ أعادهم، ومنهم من ذكر أنه نصب لهم الأدلة التي تدل عَلَى وحدانية الله، وشهدت بذلك عقولهم وبصائرهم ومن هَؤُلاءِ الزمخشري ورد الأحاديث الصحيحة التي تدل عَلَى القول الأول، ولا غرابة في ذلك لأنه كما تعلمون يفسر القُرْآن بالرأي، ويأتي بالقول الذي يرى أنه موافق للعقل.
ومنهم من ذكر القولين كـالواحدي والرازي والقرطبي وهَؤُلاءِ هم في الغالب: من الذين يجمعون بين النصوص، وبين كلام أهل الكلام، ولهذا نجد أن الرازي -مثلاً- وهو من أئمة المذهب الأشعري، يجتمع مع المعتزلة أحياناً، ومع أهل السنة أحياناً، يترددون ويتذبذبون بين هَؤُلاءِ وهَؤُلاءِ، ولهذا فإنه هو وأمثاله الذين ذكرهم المُصنِّفُ جمعوا بين القولين، لكن الرازي في تفسيره نسب القول الأول إلى أهل السنة.
والثاني إِلَى المعتزلة، وهذا ليس ببعيد أن يذكر أن أهل الحديث وأهل الأثر يقولون: إنه استخراج حقيقي عَلَى ظاهر النصوص وهو كذلك، والقول الثاني: نسبه إِلَى المعتزلة والواقع أنه ليس خاصاً بـالمعتزلة؛ لأن هذا القول انتصر له الحافظ ابن كثير وابن القيم رحمهما الله تَعَالَى كما سوف نلاحظ، وقد سبقت الإشارة إِلَى ذلك أيضاً.